سحب الجنسية الكويتية من أحمد الطرابلسي: أزمة هوية أم إجراء قانوني؟

أحمد الطرابلسي من التكريم إلى التجريد

لم يكن خبر سحب الجنسية الكويتية من اللاعب الدولي السابق والضابط المتقاعد والقارئ المعروف أحمد الطرابلسي خبرًا عاديًا في الوسط الكويتي، بل فجّر موجة من النقاش الحاد والجدل السياسي والحقوقي، نظرًا لما يمثله الرجل من رمزية وطنية وشعبية كبيرة.

الطرابلسي الذي حصل على الجنسية الكويتية عام 1974 تقديرًا لما قدّمه للرياضة والثقافة، وجد نفسه فجأة ضمن قوائم المواطنين الذين جُردوا من جنسيتهم في إطار حملة مستمرة تنفذها الحكومة منذ 2024.

في هذا المقال، نستعرض قصة أحمد خضر الطرابلسي، وأسباب سحب الجنسية منه كما يتم تداوله، ونحلل الأبعاد القانونية والاجتماعية لهذه الخطوة، في ظل تصاعد حملة التجريد من الجنسية التي طالت الآلاف من الكويتيين.

من هو أحمد الطرابلسي؟

ولد أحمد خضر الطرابلسي في بيروت عام 1947، وهاجر إلى الكويت في سن مبكرة، حيث بدأ مشواره الرياضي مع نادي القادسية عام 1963، ثم انتقل إلى نادي الكويت عام 1964، واستمر معه حتى اعتزاله عام 1983.

يُعد الطرابلسي أحد أعظم حراس المرمى في تاريخ الكويت، وشارك في أبرز البطولات، بما في ذلك:

  • كأس الخليج العربي.
  • كأس آسيا.
  • تصفيات وبطولة كأس العالم 1982.
  • البطولات العسكرية الدولية.

لم يتوقف عطاؤه الرياضي عند هذا الحد، بل عمل مدربًا لحراس المرمى حتى عام 1995.

أما على الجانب الديني، فقد كان أول كويتي يسجل المصحف المرتل بصوته عام 1992، واشتهر بتلاوته الخاشعة، التي جعلت له مكانة مرموقة في أوساط القراء.

تم منحه الجنسية الكويتية عام 1974 بمرسوم أميري، ضمن بند “الأعمال الجليلة”، وهو بند استثنائي لتكريم المساهمين المميزين في خدمة الدولة.

سحب الجنسية الكويتية: خلفية الحملة الحكومية

منذ مارس 2024، بدأت الحكومة الكويتية تنفيذ حملة واسعة تهدف إلى “تدقيق ملفات التجنيس”، بحجة مواجهة “التحايل” و”الازدواجية” وحماية “الهوية الوطنية“.

وقد أعلنت الحكومة أنها سحبت الجنسية من أكثر من 61,000 شخص خلال أقل من عامين.

وتُركّز هذه الحملة على عدة فئات:

  • من حصلوا على الجنسية بالتزوير.
  • من لديهم جنسية مزدوجة ولم يعلنوا عنها.
  • من حصلوا على الجنسية تحت بند “الأعمال الجليلة” وتمت مراجعة ملفاتهم.
  • شخصيات معروفة تم اتهامها بتجاوز القانون أو فقدان شرط الولاء.

وكان من بين أبرز الأسماء التي طالتها الحملة مؤخرًا: نبيل العوضي، مبارك العمير، نوال الكويتية، داود حسين، ومع تزايد الحديث عن أحمد الطرابلسي، اتسعت دائرة النقاش.

ماذا يعني سحب الجنسية من أحمد الطرابلسي؟

إذا صحّت الأنباء المتداولة عن سحب الجنسية من أحمد الطرابلسي، فإن الرجل يصبح تلقائيًا من فئة “البدون” (المقيمين بصورة غير قانونية)، ويفقد بذلك:

  • حق العلاج المجاني في المستشفيات الحكومية.
  • حق التعليم الرسمي الجامعي والمدرسي (عدا الأساسي).
  • حق التوظيف في القطاع العام.
  • جواز السفر الكويتي والبطاقة المدنية.
  • الحق في المعاش التقاعدي والتأمينات الاجتماعية.

ويُذكر أن الطرابلسي متقاعد من الجيش الكويتي برتبة عقيد، وكان له تاريخ طويل في الخدمة الوطنية.

ردود الفعل: ما بين الصدمة والدفاع

أثار القرار المفترض موجة من الرفض الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رأى كثيرون في سحب الجنسية من شخصية وطنية بهذا الحجم “إهانة” لتاريخ الكويت الرياضي والثقافي.

وغرّد العديد من الناشطين ووسائل الإعلام بكلمات استنكار قائلين:

“من رفع راية الكويت في المحافل الدولية لا يُكافأ بسحب الجنسية”.

في المقابل، دافع مسؤولون حكوميون عن الحملة باعتبارها “ضرورية لحماية الهوية الكويتية“، مؤكدين أن “كل من حصل على الجنسية دون وجه حق أو يُشكل خطرًا على أمن البلاد يجب أن يُجرد منها“.

السياق القانوني: ماذا تقول المادة 13؟

ينص قانون الجنسية الكويتي على جواز سحب الجنسية في حالات “التزوير أو الغش أو فقدان أحد شروط منحها”، وقد فُسّرت هذه البنود بشكل واسع في السنوات الأخيرة، خصوصًا في بند “الأعمال الجليلة” الذي لا يشترط أصولًا كويتية.

وينص القانون أيضًا على أن من تُسحب جنسيته لا يحق له الاعتراض أمام القضاء، وإنما يُنفذ القرار مباشرة من قبل مجلس الوزراء أو وزارة الداخلية.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي

تشير التقارير إلى أن سحب الجنسية يؤدي إلى آثار مدمرة على الأسر، منها:

  • توقف البعثات التعليمية للطلاب في الخارج.
  • فقدان المعاش التقاعدي رغم سنوات الخدمة.
  • تحويل عقود الموظفين إلى عقود خاصة محرومة من الامتيازات.
  • حرمان من جواز المادة 17 (جواز بدون)، الذي كان يستخدم للسفر الإنساني.

وقد وصف الناشط “محمد البرغش”، أحد أبرز ممثلي فئة البدون، أن “سحب الجنسية ليس فقط إجراءً إداريًا بل هو حصار وجودي“.

وفي الختام ، يبقى سحب الجنسية من أحمد الطرابلسي، إن تأكد رسميًا، قضية رمزية كبرى في الكويت، تطرح تساؤلات حادة حول مفهوم المواطنة، وحدود الولاء، وأدوات الدولة في معالجة ملف التجنيس.

فهل تكون هذه الخطوة مجرد فصل في حملة تدقيق شاملة، أم منعطفًا حادًا في العلاقة بين الدولة والمجتمع؟ وهل من العدالة محاسبة من خدم وطنه لعقود بهذه الطريقة؟.

الأسئلة كثيرة، والإجابات قد تتضح مع الزمن، لكن الثابت أن قضية أحمد الطرابلسي أصبحت عنوانًا جديدًا لصراع الهوية في الخليج.

سارة المصري

كاتبة تمتاز بالمرونة والابتكار في تقديم الأخبار والمقالات، مع اهتمام خاص بتقديم المعلومة بشكل حيادي ومثير للاهتمام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى