تفاصيل مرسوم الخدمة المدنية الجديد رقم 63 لسنة 2025: إلغاء نهائي لبيع الإجازات في الكويت
في خطوة إدارية حاسمة طال انتظارها بشأن تعديل قانون الخدمة المدنية 2025 وبيع الإجازات والبدل النقدي في الكويت، صدر في دولة الكويت المرسوم الأميري رقم 63 لسنة 2025، معلنًا الإلغاء النهائي لنظام بيع الإجازات أو صرف البدل النقدي عن رصيد الإجازات الدورية أثناء الخدمة لموظفي الدولة، باستثناء العسكريين ومن يخضعون لقوانين خاصة.
يأتي هذا القرار في إطار توجه الدولة نحو إصلاحات تنظيمية وإدارية تهدف إلى ترشيد الإنفاق العام، والحد من الممارسات التي ساهمت سابقًا في إرهاق ميزانية الدولة.
وفي المقال التالي، سنتناول تفاصيل هذا القرار التاريخي، وأسبابه، وآثاره المتوقعة على الموظفين والهيكل الإداري، كما سنستعرض الخلفية القانونية للقرار، وموقف الحكومة من الاشتراطات السابقة، وردود الأفعال حول هذا التحول الجذري.
ما هو مرسوم الخدمة المدنية رقم 63 لسنة 2025؟
صدر المرسوم الأميري رقم 63 بتاريخ 7 أبريل 2025، وينص على إلغاء الفقرة الثالثة من المادة 41 من مرسوم 4 أبريل 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية.
هذه الفقرة كانت تسمح بصرف بدل نقدي عن رصيد الإجازات الدورية للموظفين خلال فترة خدمتهم، وذلك وفق شروط وضوابط محددة.
مضمون مرسوم الخدمة المدنية الجديد:
“يلغى نص الفقرة الثالثة من المادة 41 من مرسوم الخدمة المدنية، ويوقف استحقاق وصرف البدل النقدي من رصيد الإجازات أثناء الخدمة، ويستثنى من ذلك العسكريون والخاضعون لقوانين خاصة.”
الخلفية: كيف كان يُصرف بدل الإجازات؟
حتى صدور المرسوم الجديد، كان يحق للموظف المدني في الكويت، وفق المادة 41 من النظام السابق، بيع جزء من رصيد إجازاته السنوية، بشرط توافر عدد من الاشتراطات الصارمة، والتي كانت تُعرف إعلاميًا باسم “الاشتراطات الخمسة”.
ما هي الاشتراطات الخمسة لصرف البدل النقدي؟
- أن يكون الموظف كويتيًا فقط.
- إمكانية الصرف مرة واحدة فقط كل 10 سنوات.
- حصول الموظف على تقييم كفاءة بدرجة “جيد جدًا” على الأقل لآخر 3 سنوات.
- أن يكون قد أمضى 3 سنوات على الأقل في نفس الجهة الحكومية.
- عدم صدور عقوبة تأديبية بحق الموظف خلال المدة، أو أن تكون العقوبة قد مُحيت قانونيًا.
هذه الاشتراطات كانت تهدف إلى تقنين بيع الإجازات، لكنها لم توقف الجدل حول استنزاف الميزانية والتلاعب في التقارير.
أهداف مرسوم 63 لسنة 2025: لماذا أُلغي صرف بدل الإجازات؟
توضح الحكومة أن القرار جاء لتحقيق مجموعة من الأهداف الحيوية:
ترشيد الإنفاق الحكومي
بيع الإجازات كان يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على الوزارات والجهات الحكومية، خاصة في أوقات تسويات نهاية الخدمة.
الحد من التلاعب
رصدت تقارير رسمية حالات تلاعب في تقارير الكفاءة أو الامتناع المتعمد عن أخذ الإجازات طمعًا في بيعها لاحقًا.
تشجيع الموظفين على استخدام إجازاتهم فعليًا
التوازن بين العمل والحياة أصبح ضرورة. والحكومة ترى أن الموظف يحتاج فعليًا إلى الراحة لا إلى صرف بدلات مالية.
تحقيق عدالة وظيفية
بعض الموظفين كانوا يحرمون من البدل النقدي بسبب ظروف العمل أو انشغالاتهم، في حين كان آخرون يستفيدون بشكل مفرط.
من يشملهم القرار؟ ومن المستثنى؟
- يشمل: جميع موظفي القطاع المدني في الدولة، في الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية.
- يستثنى: العسكريون: كالضباط والجنود في الجيش والشرطة والحرس الوطني.
العاملون في جهات بقوانين خاصة: مثل مؤسسة البترول الكويتية وبعض الهيئات المستقلة.
كيف يؤثر القرار على الموظفين؟
مع دخول المرسوم حيّز التنفيذ، لن يتمكن أي موظف مدني من طلب صرف بدل نقدي عن رصيد إجازاته، مهما بلغ عدد السنوات التي لم يأخذ فيها إجازة.
الآثار المتوقعة:
- زيادة في طلب الإجازات الفعلية من الموظفين، مما قد يتطلب إعادة جدولة الموارد البشرية.
- توفير مالي كبير للدولة على المدى البعيد.
- تحفيز على التوازن بين العمل والحياة والحد من ظاهرة “الإرهاق الوظيفي”.
ردود الفعل على مرسوم الخدمة المدنية لسنة 2025
تفاوتت آراء الشارع الوظيفي والإعلامي بشأن القرار:
المؤيدون يرونه:
- خطوة جريئة لتنظيم المال العام.
- إصلاح إداري طال انتظاره.
- وسيلة لحماية حقوق الموظف في بيئة أكثر عدالة.
المعارضون يعتبرونه:
- انتقاصًا من مكتسبات الموظف الحكومي.
- غير منصف لمن لم يُتح له التمتع بإجازاته بسبب ضغط العمل.
- يتطلب إعادة النظر في آليات توزيع الإجازات ومنحها.
هل هناك بدائل مستقبلية مطروحة؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية عن بدائل، لكن بعض المقترحات ظهرت في الساحة، مثل:
- السماح بترحيل جزء من الرصيد لما بعد التقاعد.
- إمكانية تعويض الموظف بأيام راحة أو مكافآت معنوية.
- تطبيق مبدأ “أخذ الإجازة إجباريًا” بعد عدد معين من السنوات.
وفي الختام، جاء مرسوم الخدمة المدنية لسنة 2025 ليطوي صفحة طويلة من الجدل حول نظام بيع الإجازات في القطاع الحكومي الكويتي. وبينما يُعد القرار صادمًا للبعض، إلا أنه يُنظر إليه كإجراء إصلاحي حتمي لضبط الإنفاق، وإرساء قواعد أكثر توازنًا بين مصلحة الموظف والدولة.
وفي ضوء التحديات الاقتصادية والإدارية التي تواجهها الكويت، يبدو أن المرسوم يشكل بداية لمرحلة جديدة في إدارة الموارد البشرية الحكومية، تتطلب من الجميع التكيف مع ثقافة وظيفية أكثر انضباطًا وواقعية.