القبض على فتاتين المترو بعد فيديو رقص في عربات الأنفاق… ما القصة؟

تحولت لحظات خفيفة قصدت بها فتاتين المترو الترويح عن نفسيهما بعد يوم عمل مرهق، إلى قضية رأي عام تشغل السوشيال ميديا والأجهزة الأمنية على حد سواء، مقطع قصير 30 ثانية، يوثق رقص فتاتين داخل عربة مترو أنفاق شبه خالية، سرعان ما تصدر قائمة التريند، وجذب وراءه عاصفة من الجدل، انتهت بـ القبض على فتاتي المترو، وخضوعهما للتحقيق بتهم تتعلق بسوء استخدام وسائل التواصل، والإخلال بآداب المرافق العامة.

في هذا التقرير الحصري، نرصد تفاصيل القبض على فتاتين المترو بعد وصلة الرقص داخل عربات المترو، ونروي ما جرى من لحظة التصوير حتى الجلسة أمام جهات التحقيق، كما نسلط الضوء على ردود الفعل الشعبية، والتحليلات الاجتماعية والقانونية حول القضية التي شغلت الرأي العام المصري.

فيديو فتاتين المترو : لحظة ترفيه عفوية تتحول إلى أزمة

بحسب أقوال فتاتين المترو في التحقيقات، فإن ما حدث لم يكن مُخططًا بأي شكل من الأشكال.

كلاهما كانت قد انتهت لتوها من يوم عمل شاق، وبينما كانتا في طريق العودة إلى المنزل، استقلتا الخط الثالث من مترو الأنفاق، وفي لحظة عفوية لاحظتا أن العربة التي ركبتاها كانت شبه خالية تمامًا من الركاب.

قالت إحداهما:

“ماكنش في ولا راكب معانا، حسينا إنها فرصة نكسر فيها الروتين، ونضحك شوية، بعد شغل وتعب”.

قررتا تصوير مقطع قصير وهما ترقصان على إيقاع موسيقى مهرجانات شعبية، بهدف الترفيه عن النفس، دون نية مسبقة لنشر الفيديو على نطاق واسع أو إثارة ضجة. وأضافت الأخرى:

“كان لمجرد الضحك، وكنا حابين نحتفظ بيه لأنفسنا… بس الأمور خرجت عن السيطرة”.

تداول فيديو فتاتين المترو : من تيك توك إلى البلاغات الأمنية

لم يمر وقت طويل على نشر المقطع على تطبيق “تيك توك“، حتى بدأ الفيديو في الانتشار بسرعة هائلة، خاصة بعد إعادة نشره على صفحات ومنصات فيسبوك وتويتر، وتفاعلت معه شريحة كبيرة من المستخدمين.

بعض الحسابات قامت بتضمينه ضمن “التريند“، بينما البعض الآخر اعتبره تعديًا على قيم المجتمع، واستهانة بالمرافق العامة، مما دفع بعض المواطنين إلى التقدم ببلاغات رسمية، كما بدأت الجهات الأمنية في رصد المقطع وتحليله.

التحرك الأمني: ضبط فتاتين المترو خلال ساعات

وفقًا لما أعلنته وزارة الداخلية في بيان رسمي، فقد تمكنت الأجهزة المختصة من تحديد هوية فتاتين المترو خلال وقت قياسي، بمساعدة إدارة المساعدات الفنية، التي استخدمت أنظمة المراقبة الذكية لرصد موقع تصوير الفيديو.

تبين أن الفتاتين تقيمان في دائرة قسم شرطة العجوزة بمحافظة الجيزة، وعلى الفور تم ضبطهما واقتيادهما إلى جهة التحقيق، وسط اهتمام إعلامي كبير وتساؤلات حول ما ستؤول إليه الأمور.

أقوال فتاتين المترو: مفاجأة غير متوقعة في التحقيق

خلال جلسة التحقيق، أوضحت فتاتين المترو أنهما لم تقصدا إثارة الفوضى أو الإساءة لأي طرف، بل كانت لحظة تلقائية جاءت في سياق ترفيهي بحت.

وأكدتا أن النية لم تكن للنشر الواسع أو جذب المشاهدات بغرض الكسب المادي، لكن الفيديو “خرج عن السيطرة” بمجرد أن شاهده الآخرون على صفحات غير رسمية.

قالت إحداهما بوضوح:

“خلاص حرمنا… مش هنعمل كده تاني”.

وهو ما فتح باب النقاش مجددًا حول المسؤولية الفردية في عصر السوشيال ميديا، حيث لم تعد الحدود واضحة بين ما هو شخصي وما هو عام، وما يمكن أن يصبح حديث الملايين في لحظة.

الجدل المجتمعي: بين الإدانة والتعاطف

كالعادة في مثل هذه القضايا، انقسم الرأي العام إلى تيارين:

معاقبة فورية

يرى هذا الفريق أن الفتاتين ارتكبتا سلوكًا غير لائق داخل مرفق عام تابع للدولة، بما يمثل انتهاكًا للآداب العامة، ويستدعي الردع القانوني.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن الظهور في وسائل النقل الجماعية بهذه الطريقة يُعد خروجًا على الأعراف، مهما كانت النوايا.

ترفيه غير محسوب

أما الفريق الآخر، فدافع عن الفتاتين، معتبرًا أن ما جرى لا يستحق التصعيد الأمني والإعلامي، بل هو تعبير تلقائي عن محاولة الهروب من ضغوط الحياة، وأنه من الأفضل تقديم النصيحة والتوجيه بدلًا من العقوبة.

قانونيًا: هل ما حدث يُعد جريمة؟

وفقًا للمحامي أحمد عبد الفتاح، الخبير في القانون الجنائي، فإن الواقعة يمكن تصنيفها ضمن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تصرف غير منضبط داخل مرفق عام، لكنه أشار إلى أن الأمر يخضع لتقدير النيابة، خاصة في ظل غياب نية التحريض أو الإضرار العمدي.

ويضيف:

“القانون لا يعاقب على الرقص في حد ذاته، بل على الإخلال بالنظام العام أو نشر محتوى يُعد خدشًا للحياء العام”.

هل يتكرر مشهد فتاتين المترو؟

اللافت في الأمر أن هذه ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها مقاطع مشابهة لـ فيديو فتاتين المترو، فقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة حالات متعددة:

  • فتاة الجاموسة
  • تريند “الميكروباص الراقص”
  • مقاطع “الرقص في الكورنيش”

كلها تشير إلى تحوّل منصات مثل تيك توك إلى مساحات لاختبار الجرأة، في ظل غياب الوعي الرقمي لدى كثير من المستخدمين، خاصة الشباب والمراهقين.

وفقًا لخبيرة علم النفس الاجتماعي الدكتورة نجلاء الشريف، فإن ما فعلته الفتاتان يعكس حالة عامة من البحث عن الإثبات الرقمي، أي الرغبة في أن يُشار إليك بالبنان ولو لمجرد دقائق، حتى لو كان ذلك بثمن مجتمعي باهظ.

تقول:

“السوشيال ميديا أصبحت معيارًا للوجود… والبعض يتجاوز الحدود لتحقيق الظهور، حتى لو تسبب في أذى اجتماعي أو قانوني”.

قضية بطلتا فيديو الرقص داخل مترو الأنفاق لم تكن الأولى من نوعها، لكنها تفتح الباب مجددًا أمام سؤال جوهري: هل نحن بحاجة إلى رقابة أشد؟ أم إلى وعي أعمق؟، هل نستمر في مطاردة كل تريند بحملات توقيف، أم نُطلق حملات وعي شاملة توجه السلوك دون قمعه؟

ما جرى كان مجرد لحظة مرحة من فتاتين مرهقتين، لكنها تحولت إلى درس قاسٍ في قوة السوشيال ميديا، وسطوة الرأي العام، وحدود الحرية في الأماكن العامة.

محمد علاء

محرر وصحفي متميز يتمتع بخبرة واسعة في صياغة الأخبار وتحريرها بأسلوب شيق ودقيق، يساهم في تقديم محتوى متنوع وموثوق للقراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى