التنازل عن قصاص حمود بن عايض القحطاني مقابل 80 مليون ريال: قصة أثارت الرأي العام السعودي
80 مليون ريال لعتق رقبة حمود بن عايض القحطاني
في مشهد أثار الجدل على مواقع التواصل الإجتماعي بالمملكة العربية السعودية، خلال الأيام الأخيرة بعد الإعلان عن التنازل عن القصاص من السجين حمود بن عايض حمود آل عاطف القحطاني، مقابل مبلغ يُقال إنه وصل إلى 80 مليون ريال سعودي.
القضية، التي لم تتضح تفاصيلها بشكل كامل، أثارت الكثير من التساؤلات حول قيمة الدية مقابل عتق رقبة حمود بن عايض القحطاني، ومدى تأثير المال على مفاهيم العفو والعدالة، كما أطلقت موجة من التضامن من جهة، والنقد من جهة أخرى، تجاه آلية جمع الديات والمبادرات الفردية.
من هو حمود بن عايض القحطاني؟
بحسب ما تم تداوله عبر منصات التواصل، فإن حمود بن عايض حمود آل عاطف القحطاني هو أحد أبناء منطقة جنوب المملكة، وقد صدر بحقه حكم بالقصاص في قضية جنائية لم يتم الكشف عن كامل تفاصيلها بعد من قبل أولياء الدم.
ولم تصدر الجهات الرسمية في وزارة الداخلية أو النيابة العامة حتى الآن بيانًا رسميًا بشأن ملابسات القضية أو الحكم الصادر.
ورغم شح التفاصيل، تشير المعلومات المتداولة إلى أن عائلة القتيل وافقت مؤخرًا على التنازل عن حقها في القصاص مقابل مبلغ مالي ضخم بلغ 80 مليون ريال سعودي، وهو ما دفع الكثير من رواد مواقع التواصل إلى التساؤل عن مدى واقعية المبلغ ومن يقف خلف جمعه.
هل تم التنازل رسميًا؟
رغم عدم صدور بيان رسمي من الجهات القضائية يؤكد إتمام التنازل، إلا أن العديد من الحسابات المهتمة بقضايا عتق الرقاب وجمعيات العفو، أعلنت أن التنازل قد تم رسميًا وأنه يتم الأن جمع التبرعات والفزعة لإيداع المبلغ المتفق عليه، مما يعني أن السجين في طريقه إلى نيل حريته بعد سنوات من الانتظار في سجون المملكة.
80 مليون ريال: بين الكرم والجدل
بلغت قيمة الدية التي تم التنازل بها عن القصاص 80 مليون ريال سعودي، وهو رقم أثار الجدل بشدة، وفتح باب النقاش حول:
- التفاوت الكبير في قيم الديات بين القضايا.
- إمكانات العائلات الفقيرة في جمع مثل هذه المبالغ إذا كانت في موقف مشابه.
- آلية تنظيم حملات جمع الديات عبر منصات إلكترونية وتطبيقات التبرع.
- الجانب الديني والشرعي فيما يتعلق بقبول ديات مبالغ فيها.
الحملات الشعبية ودور المجتمع
كثير من قضايا القصاص في السعودية يتم حلها عبر مبادرات شعبية ضخمة، حيث يتكافل المجتمع ويجمع المبالغ المطلوبة للعفو عن المحكومين. وقد برز في السنوات الأخيرة دور شيوخ القبائل، ووجهاء المناطق، والناشطين الاجتماعيين في التدخل للوساطة، وإقناع أهل الدم بالتنازل.
وفي قضية حمود القحطاني، يُعتقد أن مثل هذا الدور كان محوريًا، إذ نجح بعض الوجهاء ووسطاء الصلح في الوصول إلى اتفاق مع أهل القتيل، ما أدى إلى الإعلان عن العفو مقابل المبلغ المذكور.
كيف ينظر القانون والشرع لمثل هذه القضايا؟
وفقًا للشريعة الإسلامية، القصاص حق مشروع لأولياء الدم، ويحق لهم العفو أو القبول بالدية، وهذا ما أقره النظام القضائي السعودي المبني على الشريعة.
لكن لا يوجد في النصوص الشرعية ما يحدد مبلغًا معينًا للدية، مما يجعل الباب مفتوحًا أمام التفاوض بين الطرفين، وهو ما قد يؤدي أحيانًا إلى مبالغ ضخمة يصعب تحصيلها.
الهيئة الدائمة للإفتاء ومجلس كبار العلماء كانوا قد دعوا سابقًا إلى تنظيم مبالغ الدية وعدم المغالاة فيها، لما لذلك من أثر سلبي على المجتمع، إلا أن التطبيق العملي لا يزال يشهد تفاوتًا كبيرًا.
ردود الفعل حول قصاص حمود بن عايض القحطاني
تباينت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي بعد انتشار الخبر، حيث أعرب البعض عن فرحتهم وامتنانهم لعتق الرقبة ونجاة نفس من الموت، واعتبروا أن هذا يعكس قيم التسامح والتكافل في المجتمع السعودي.
في المقابل، انتقد آخرون ضخامة المبلغ المدفوع، ورأوا فيه “تجسيدًا لفجوة طبقية” و”تسليعًا لحياة البشر”، خاصة إذا كان جمعه من عامة الناس عبر حملات إلكترونية.
الجانب الإنساني في عتق الرقاب
رغم كل الجدل، تبقى قضايا عتق الرقاب من أبرز الملفات الإنسانية التي تلامس مشاعر السعوديين، إذ يرى فيها كثيرون فرصة لتحقيق الأجر والثواب، والمساهمة في إنقاذ إنسان من الإعدام.
وقد شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة عشرات المبادرات تحت شعار “لن تموت” أو “فرصة حياة”، ونجحت في إنقاذ عشرات المحكومين بالقصاص، من خلال جهود منسقة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية.
وفي الختام، فإن قضية التنازل عن قصاص حمود بن عايض القحطاني مقابل 80 مليون ريال أعادت إلى الواجهة موضوع الديات في المجتمع السعودي، وما يرتبط بها من قيم دينية وإنسانية واجتماعية.
وبين من يرى فيها تجسيدًا للرحمة والتكافل، ومن ينتقد المبالغة في الأرقام، يبقى الأمل دائمًا في أن تتجه مثل هذه القضايا نحو العدالة المنظمة والتوازن بين الحقوق والمبادئ.