من هو غياث دلا ويكيبيديا؟ العميد العلوي الذي قاد تمرد الساحل السوري
في تحول دراماتيكي أعاد خلط أوراق المشهد العسكري والسياسي السوري، ظهر اسم العميد غياث دلا مجددًا إلى الساحة كأحد القادة العسكريين الذين تحدّوا السلطة المركزية الجديدة بقيادة الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد أن كان من أبرز رجال النظام السابق وأذرعه العسكرية في قمع الانتفاضة السورية.
يُعد غياث دلا من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، حيث انتقل من كونه أحد أعمدة الفرقة الرابعة في جيش بشار الأسد، إلى مؤسس وقائد “المجلس العسكري لتحرير سوريا“، الذي بدأ عملياته المسلحة ضد النظام الجديد في مارس 2025، خصوصًا في مناطق الساحل السوري.
فمن هو غياث دلا؟ وما دوافع تحوله من الولاء المطلق إلى التمرد العلني؟ هذا ما نكشفه في هذا التقرير المفصل.
من هو غياث دلا ويكيبيديا؟
ولد غياث سليمان دلا في بلدة بيت ياشوط بريف اللاذقية، إحدى معاقل الطائفة العلوية التي شكّلت العمود الفقري للنظام السوري لعقود.
نشأ دلا في كنف عائلة ذات صلات أمنية وعسكرية قوية، مما سهّل دخوله مبكرًا إلى الكلية الحربية السورية، ومن ثم صعوده السريع داخل مؤسسة الجيش.
انضم إلى الفرقة الرابعة مدرعات، بقيادة ماهر الأسد، وكان من الشخصيات المحورية في العمليات العسكرية ضد المعارضة، مما جعله محط انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان.
مسيرة غياث دلا العسكرية: من الولاء المطلق إلى التمرد
ضمن صفوف الفرقة الرابعة
في بداية مشواره العسكري، خدم العميد غياث دلا في اللواء 42 دبابات التابع للفرقة الرابعة، ولعب دورًا مركزيًا في العمليات العسكرية التي استهدفت مناطق مثل:
- داريا
- معضمية الشام
- حي القابون
- الغوطة الشرقية
- حمص وريفها
شارك في عمليات تهجير قسري، وفرض الحصار والتجويع، واستخدمت قواته أساليب وصفت بـ”الوحشية” في إخضاع المناطق الثائرة، مما أكسبه سمعة دموية ضمن الأوساط الثورية.
تأسيس “قوات الغيث”
في عام 2017، أنشأ غياث دلا وحدة قتالية خاصة ضمن الفرقة الرابعة أطلق عليها اسم “قوات الغيث“، وكانت بمثابة ذراع هجومي شرس، استخدم في عمليات نوعية، أبرزها:
- الزبداني
- خان الشيح
- وادي بردى
- داريا مجددًا
تلقى عناصر “قوات الغيث” تدريبات على يد عناصر من فيلق القدس الإيراني، كما حصلوا على دعم مباشر من حزب الله اللبناني، ما جعل دلا حلقة وصل ميدانية بين النظام السوري والمحور الإيراني.
انقلاب 2025: غياث دلا يعلن التمرد على الرئيس أحمد الشرع
بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود الرئيس الجديد أحمد الشرع في أواخر 2024، اختفى غياث دلا عن الأنظار. وفي 6 مارس 2025، عاد بقوة معلنًا تأسيس “المجلس العسكري لتحرير سوريا“، ككيان مسلح معارض يتخذ من الساحل السوري مركزًا لعملياته.
شن دلا هجومًا مباغتًا على مواقع تابعة للجيش السوري الجديد والشرطة في 7 آذار/ مارس 2025، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، وفتح باب التصعيد العسكري في منطقة تعتبر تقليديًا “قلعة النظام”.
المجلس العسكري لتحرير سوريا: التكوين والأهداف
جاء الإعلان عن تأسيس المجلس العسكري لتحرير سوريا ليمثل أول تحدٍ مسلح للنظام الجديد، وضمّ المجلس شخصيات بارزة من الجيش السابق مثل:
- العميد محمد محرز جابر
- العميد ياسر رمضان الحجل
ويهدف المجلس إلى:
- “تحرير سوريا من كل الأنظمة الاستبدادية”
- “إسقاط حكومة الشرع التي لم تغيّر شيئًا من النهج الطائفي”
- “إعادة الاعتبار للجيش السوري النظامي على أسس وطنية”
بحسب بيان التأسيس، فإن المجلس يرى أن التغيير في سوريا “شكلي فقط“، وأنه لا بد من “كسر الطوق السياسي والأمني” المفروض من قبل القوى المتحالفة مع موسكو وطهران.
ما علاقة غياث دلا ببشار الأسد؟
يُعد غياث دلا من أقرب العسكريين لماهر الأسد، وكان يُعتبر اليد الضاربة للنظام في ساحات المعركة، ولكن وفق تحليلات أمنية، فإن دلا بدأ بالتحوّل منذ عام 2022، عندما بدأت علاقته تتوتر مع بعض الشخصيات الأمنية بسبب “الانفراد بالقرار العسكري وتزايد نفوذه“.
يُعتقد أن دلا كان يتحيّن اللحظة المناسبة للتحرك، وجاءت تلك اللحظة مع انهيار نظام الأسد وصعود رئيس جديد، ما وفّر له مبررًا لإعادة تقديم نفسه كـ”مخلص وطني“، وإن كانت دوافعه محل شك كبير في الشارع السوري.
تقييم الموقف: هل ينجح غياث دلا في تهديد النظام الجديد؟
رغم أنه يمتلك خبرة عسكرية ضخمة وشبكات دعم قديمة، فإن غياث دلا يواجه تحديات جسيمة، منها:
- غياب حاضنة شعبية حقيقية له، خاصة في مناطق الثورة القديمة.
- ارتباط اسمه بجرائم حرب، ما يحدّ من شرعيته.
- انقسام القوى العسكرية المعارضة بين تيارات متعددة.
- قوة الأمن المركزي لحكومة أحمد الشرع ودعمه الدولي.
ومع ذلك، فإن تحركاته الأخيرة في الساحل السوري، واستقطابه لقيادات عسكرية من الصف الأول، تُعد مؤشرات خطيرة على إمكانية نشوء تمرد عسكري متجدد داخل معاقل النظام التقليدية.
وفي الختام ، فإن غياث دلا لم يكن اسماً عابرًا في المشهد السوري، بل يمثل انعكاسًا حيًا للتعقيدات التي عاشتها البلاد منذ 2011، من الولاء الكامل إلى النظام، إلى التمرد على رموزه، يشكّل تحركه الأخير قنبلة موقوتة في خاصرة النظام الجديد.
فهل ستتمكن دمشق من احتوائه، أم سيكون نقطة انطلاق لفوضى جديدة في الساحل السوري؟.