ماذا حدث بين المهندسة غادة الشعراني والدكتور مصطفى البكور محافظ السويداء؟
في مشهد يندر تكراره في الحياة السياسية السورية، تصدرت غادة الشعراني، المهندسة والناشطة المدنية من محافظة السويداء، التريند على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد مقابلة نارية وكلمات وجهتها مباشرة إلى محافظ السويداء مصطفى البكور، خلال لقاء رسمي جمعه مع عدد من الدروز والنشطاء.
جاءت هذه المداخلة في أعقاب حادثة توقيف مجموعة من الناشطين أثناء توجههم إلى مناطق الإدارة الذاتية في الرقة، ما أثار حالة من الاحتقان في الشارع المحلي، وفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات سياسية وأخلاقية حول حرية التعبير وممارسات الدولة تجاه المجتمع المدني.
في هذا المقال نرصد تفاصيل الحادثة، خلفيات مواجهة غادة الشعراني والدكتور مصطفى البكور محافظ السويداء، وأبعاد ظهور غادة الشعراني في هذه اللحظة الحرجة، كما نحلل تباين المواقف الشعبية والإعلامية تجاه أسلوبها وجرأتها.
من هي غادة الشعراني ويكيبيديا؟
ولدت غادة رسلان الشعراني في محافظة السويداء، وهي من المسلمين الموحدين الدروز وتخرجت في جامعة دمشق كمهندسة مدنية متخصصة في تصميم الجسور.
لكن إبداعها لم يتوقف عند الحسابات الهندسية، إذ امتلكت حسًا شعريًا ونقديًا جعل منها صوتًا بارزًا في المشهد الثقافي السوري، قبل أن تخوض غمار الشأن العام.
تُعرف غادة بمواقفها الجريئة ومداخلاتها الصريحة، التي تدمج بين اللغة الأدبية والخطاب الحقوقي، وهي واحدة من القلائل اللواتي عبّرن بجرأة عن مواقف سياسية في بيئة لا تزال تفرض كثيرًا من القيود.
غادة الشعراني مع المحافظ مصطفى البكور؟
خلفية الحادثة: توقيف ناشطين مدنيين في طريقهم إلى الرقة
في 5 أبريل 2025، قامت قوى الأمن العام في محافظة حمص بتوقيف مجموعة من الناشطين، بينهم شخصيات منتمية إلى حزب الانتماء القومي الديمقراطي، كانوا في طريقهم إلى الرقة تلبية لدعوة من “الإدارة الذاتية”.
وحسب مصادر حقوقية، فإن المجموعة تعرضت لـ:
- الاحتجاز القسري
- الإهانات اللفظية
- التعذيب الجسدي والنفسي
- اتهامات بالخيانة والانفصال دون محاكمة أو سند قانوني
ردت السويداء، المدينة التي ينتمي إليها معظم الموقوفين، ببيانات تنديد ومظاهرات رمزية، وانطلقت وساطات قادها محافظ السويداء مصطفى البكور ووجهاء دينيون ومدنيون أسفرت عن الإفراج عن المحتجزين بعد يوم واحد.
اللهم اشهد أن هذه الحكومة بذلت الغالي والنفيس، وضمدت جراحها من أجل إرضاء الصغير قبل الكبير، سعيًا لبناء سوريا الجديدة لكنها، على ما يبدو، تُقابل أحيانًا بسوء فهمٍ من البعض، فيظنون أن سعة صدرها ضعف، أو أن احترامها للناس ذل.
مقطع يُظهر غادة الشعراني، المعروفة بممارساتها… pic.twitter.com/hCw7u19GWT
— صهيب اليعربي (@SOHEB2019) April 7, 2025
المداخلة التي أشعلت مواقع التواصل
في لقاء رسمي عقد بعد الإفراج عن الناشطين، ظهرت غادة الشعراني في فيديو وهي توجه كلامًا مباشرًا للمحافظ مصطفى البكور، اتسم بصوت مرتفع ولهجة صارمة، معتبرة أن ما حدث للناشطين “إهانة لكل مواطن حر في سوريا”، وقالت:
“هذا تصرف بوليسي مرفوض، نحن في دولة ولسنا في مزرعة… وما حدث لا يليق بمسؤولين يمثلون الدولة.”
رد المحافظ كان متحفظًا، محاولًا تهدئة الموقف دون الدخول في سجال مباشر، لكن الفيديو سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم، وسط تباين واضح في المواقف بين مؤيدين لجرأة الشعراني ورافضين لطريقتها.
انقسام الشارع السوري: بين التأييد والرفض
تفاوتت ردود الأفعال على مداخلة غادة الشعراني:
مؤيدون يرونها:
- صوتًا جريئًا ضد الظلم
- تمثيلًا حقيقيًا للمرأة السورية الحرة
- ناطقة باسم المظلومين
- امتدادًا لثورة الحرية والكرامة
معارضون يعتبرونها:
- مسيئة للرموز الرسمية
- ذات خلفية مؤيدة للنظام سابقًا ثم تحولت لدعم مشاريع انفصالية
- تمارس الشعبوية أكثر من النضال
وتداول البعض مزاعم عن علاقتها بأحزاب أو تيارات لها ارتباطات بـ”الإدارة الذاتية”، فيما يرى آخرون أن الهجوم عليها محاولة لإسكات كل من يرفع صوته بوجه الظلم، خصوصًا من النساء.
قراءة في خطاب غادة الشعراني: بين الشكل والمضمون
رغم الجدل، لا يمكن إنكار أن خطاب غادة الشعراني كان مؤثرًا، متماسكًا، وإن كان صادمًا للبعض، استخدمت فيه مفردات حادة لكنها تعكس إحساسًا عميقًا بالغضب الشعبي من تكرار التجاوزات الأمنية.
ومن منظور الخطاب السياسي، فقد:
- مارست حقها في التعبير كمواطنة قبل أن تكون ناشطة
- وضعت المسؤولية الأخلاقية على السلطة المحلية
- أعادت فتح ملف الحريات العامة في سوريا
غادة الشعراني: بين التهديدات والرمزية
بعد المداخلة، تعرضت غادة لحملة تشويه وتهديدات، بعضها على مواقع التواصل وبعضها من “شخصيات أمنية مجهولة”، كما ورد في عدة تصريحات لناشطين، لكنها لم تصدر أي بيان تراجعي، بل واصلت حضورها في الفعاليات المدنية.
تم تصويرها كـ:
- رمز نسوي مقاوم
- ابنة للسويداء الحرة
- امرأة كسرت صمت المؤسسة الأمنية
أثارت حادثة غادة الشعراني ومحافظ السويداء الجدل ، وأن المجتمع المدني في سوريا لا يزال حيًا رغم القمع، المرأة السورية قادرة على شغل الحيز العام بشجاعة، المواقف السياسية تُقاس بالمضمون لا فقط بطريقة الإلقاء ، ومنصات التواصل أصبحت مساحات صدام حر بين الدولة والمجتمع.