هل أخطأت السعودية في رؤية هلال شوال 1446؟ سبب جدل رؤية الهلال وعيد الفطر 2025
مع حلول عيد الفطر المبارك لعام 1446هـ/2025م، عاد الجدل السنوي حول رؤية الهلال ليشغل أذهان المسلمين، خاصة بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية، مساء السبت، ثبوت رؤية هلال شوال، وبالتالي اعتُبر يوم الأحد 30 مارس 2025 أول أيام عيد الفطر المبارك، فقد بدأ البحث عن حقيقة رؤية هلال شوال 1446 وهل أخطأت السعودية وخالفت الدول الأخرى في رؤية الهلال.
إلا أن هذا الإعلان جاء مخالفًا لما أعلنته العديد من الدول الإسلامية التي قالت إن الهلال لم يُرَ، وأن الإثنين 31 مارس هو أول أيام العيد، ما أثار تساؤلات واسعة: هل أخطأت السعودية في رؤية الهلال هذا العام؟.
فهناك حوادث سابقة فهي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها اختلاف في تحديد بداية شهر شوال بين الدول الإسلامية، في عام 1404 هـ (1984 م)، صامت المملكة العربية السعودية 28 يومًا فقط، وذلك بعد ثبوت رؤية هلال شوال بعد صيام 28 يومًا، مما استدعى قضاء يوم إضافي لتعويض النقص، حيث إن الشهر القمري لا يمكن أن يكون أقل من 29 يومًا .
رؤية هلال شوال 1446: هل أخطأت السعودية؟
تُعَدُّ رؤية هلال شهر شوال من المسائل الفقهية والفلكية التي تتكرر سنويًا، وتُثير نقاشات واسعة في العالم الإسلامي. في عام 2025، أعلنت المملكة العربية السعودية ثبوت رؤية هلال شوال مساء السبت، مما جعل يوم الأحد الموافق 30 مارس أول أيام عيد الفطر المبارك.
فقد أعلنت المحكمة العليا في السعودية مساء السبت 29 رمضان 1446هـ، ثبوت رؤية هلال شوال، استنادًا إلى شهادات عدد من الشهود، وبذلك أُعلن الأحد 30 مارس أول أيام عيد الفطر. وقد جاء الإعلان بعد جلسات تحري في مناطق متعددة بالمملكة، كما جرت العادة.
بالصوت والصورة..
لحظة رؤية #هلال_شوال في تمير
عبر مراسل #الإخبارية سعد العليان pic.twitter.com/TverEnH6ZQ
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) March 29, 2025
لكن في المقابل، أعلنت أكثر من 15 دولة إسلامية، أبرزها مصر، الأردن، سوريا، سلطنة عمان، ليبيا، أندونيسيا، ماليزيا، الهند، باكستان، أستراليا، إيران، بروناي، وبنغلاديش أن الهلال لم يُرَ، وبالتالي فإن الإثنين هو أول أيام عيد الفطر.
الخلاف بين الرؤية الشرعية والحسابات الفلكية
يعود هذا التباين إلى اختلاف المناهج المتبعة في تحديد بداية الأشهر الهجرية، تعتمد المملكة العربية السعودية على الرؤية البصرية للهلال، حيث يتم تحري الهلال بعد غروب شمس يوم 29 من الشهر الهجري.
إذا ثبتت رؤيته بشهادة الشهود العدول، يُعلن عن بداية الشهر الجديد. في المقابل، تعتمد بعض الدول على الحسابات الفلكية أو الجمع بين الرؤية البصرية والحسابات لتحديد دخول الشهر.
في هذا السياق، أشار مركز الفلك الدولي إلى أن رؤية هلال شوال مساء السبت كانت صعبة جدًا في معظم أنحاء العالم الإسلامي، حتى باستخدام التلسكوبات.
ومع ذلك، تؤكد الجهات الرسمية في السعودية أن الشهادات الشرعية للرؤية هي الأساس في تحديد بدايات الأشهر الهجرية، بغض النظر عن التوقعات الفلكية.
اختلاف الرؤية بين الفلك والشرع: أين الخطأ؟
الحسابات الفلكية تقول: “رؤية الهلال مستحيلة”
صرّح عدد من الخبراء الفلكيين، بينهم مركز الفلك الدولي، أن رؤية الهلال مساء السبت 29 رمضان 1446 كانت شبه مستحيلة بالعين المجردة في شرق العالم الإسلامي، وصعبة للغاية حتى باستخدام التلسكوبات في الغرب، وذلك بناء على الحسابات العلمية الدقيقة لموقع القمر وقت غروب الشمس.
“علميًا، الهلال كان تحت الأفق في كثير من المناطق، واستحالة الرؤية أمر محسوم في الحسابات الفلكية”
هكذا علّق أحد الفلكيين السعوديين.
السعودية تقول: “نثق في الشهادات الشرعية”
رغم هذه التحذيرات، تصر المملكة على أن الرؤية الشرعية عبر الشهود العدول تظل الأساس في إعلان دخول الأشهر القمرية، وفقًا للمنهج السلفي الذي تتبعه.
وبالتالي، رؤية الهلال بالشهادة تُغني عن الحسابات الفلكية، حسب المذهب المتبع، وبهذا تكون رؤية هلال العيد 2025 في السعودية صحيحة.
اهم شيء الفتحه طلع الهلال يشاور لهم انا هنا وانخش غير مره 😁 pic.twitter.com/NKi6xRb8rp
— المنتصر بالله 👨💻 (@o_0mani) March 29, 2025
هل أخطأت السعودية في الماضي في رؤية الهلال؟
نعم، حدث في تاريخ المملكة أخطاء موثقة في تحديد بدايات الشهور الهجرية. أبرز تلك الحالات:
في رمضان عام 1404هـ (1984م)، صامت المملكة 28 يومًا فقط، وبعد التأكد من الخطأ، أمرت السلطات الشرعية الشعب بقضاء يوم إضافي.
في سنوات لاحقة، اُتهمت لجان الرؤية أحيانًا بقبول شهادات غير دقيقة، لكن السلطات أكدت دائمًا سلامة الإجراءات والتزامها بالضوابط الشرعية.
هل دفع الملك عبد الله كفارة عن الشعب بسبب خطأ في الهلال؟
من القصص المتداولة على نطاق واسع، أن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – دفع كفارة عن الشعب عندما صاموا يومًا خاطئًا نتيجة خطأ في رؤية الهلال، ما اعتُبر موقفًا تاريخيًا في تحمل المسؤولية.
لكن لا توجد وثائق رسمية تؤكد أو تنفي تلك الرواية بشكل قاطع، وإن كانت حاضرة بقوة في الذاكرة الشعبية.
تعدد مناهج إثبات دخول الشهر.. سبب دائم للخلاف
يعود هذا الخلاف المتكرر إلى أن الدول الإسلامية تعتمد مناهج مختلفة:
المنهج | الدول التي تتبعه |
---|---|
الرؤية البصرية فقط | السعودية، اليمن، السودان |
الحسابات الفلكية فقط | تركيا، ماليزيا، إيران |
الجمع بين الرؤية والحساب | مصر، الأردن، سلطنة عمان |
هذا التباين يُنتج مشهدًا سنويًا تُعلن فيه كل دولة موعد العيد بناءً على منهجها، حتى وإن أدى ذلك إلى اختلاف يوم العيد بين بلد وآخر.
سؤال مهم: هل يجب رد شهادة رؤية الهلال عندما تتعارض مع العلم؟
هنا تكمن المسألة الشرعية المعقدة، حيث يرى علماء أن شهادة الشهود لا تُرد إن تحققت شروطها، بينما يرى آخرون أن الحسابات الفلكية الدقيقة ينبغي أن تكون معيارًا معتمدًا لتجنب الأخطاء.
وحتى الآن، لم تتفق الأمة الإسلامية على معيار موحد، وعلية فإن رؤية الهلال في السعودية صحيحة.
ماذا يعني هذا الاختلاف للمسلمين؟
- أثر نفسي: الشعور بالحيرة والارتباك لدى المسلمين، خصوصًا في الدول المختلطة.
- أثر شرعي: لا حرج على المسلم إن اختلف العيد بين بلده وبلد آخر، فكلٌ يتبع فتوى سلطته الدينية.
- أثر اجتماعي: هذا التباين يقلل من رمزية “العيد الموحد”، لكنه لا يُفسد على الناس عباداتهم.
ختامًا: هل أخطأت السعودية في رؤية هلال شوال 1446؟
الجواب يتوقف على منهج التقييم:
- فلكيًا: الحسابات تشير إلى صعوبة الرؤية، وبعض الفلكيين أكدوا استحالتها.
- شرعيًا: إذا ثبتت الرؤية بشهادة عدول، فإنها مُعتمدة، حتى لو خالفت التقديرات الفلكية.
ومع أن الجدل يتكرر سنويًا، فإن هذا التنوع في الرؤى يُظهر ثراءً في الفقه الإسلامي، ويدعو في الوقت ذاته إلى التفكير في تطوير آلية موحدة أو مرجعية فلكية وفقهية توازن بين الرؤية الشرعية والمعطيات العلمية.