لقاء أحمد الشرع والشيعة.. الرئيس السوري سوريا لكل أبنائها ولا مكان للتمييز الطائفي

في إطار المساعي الوطنية لترسيخ الاستقرار وتعزيز وحدة النسيج السوري، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية، وفدًا من وجهاء وأعيان الطائفة الشيعية في البلاد، في لقاء وصفه مراقبون بأنه “خطوة نحو التهدئة المجتمعية وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري“.

اللقاء الذي أعلنت عنه وكالة الأنباء السورية (سانا) صباح الجمعة، يأتي ضمن سلسلة لقاءات يُجريها الرئيس الشرع مع مكونات المجتمع السوري من مختلف الطوائف والشرائح، بهدف إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة، والتعددية، والمساواة أمام القانون.

لقاء أحمد الشرع والشيعة .. إيجابي يعكس نوايا التغيير والتقارب

أشارت مصادر إعلامية إلى أن اللقاء الذي جمع الرئيس أحمد الشرع بوجهاء من الطائفة الشيعية جرى في قصر الشعب بدمشق، وحضره عدد من الشخصيات الدينية والاجتماعية الشيعية من مختلف المحافظات، خصوصًا من دمشق وريفها، حمص، ودير الزور.

وقد ركّز الرئيس الشرع في كلمته على:

  • أهمية احترام التنوع الطائفي والديني في سوريا.
  • حق جميع المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان.
  • رفض التمييز الطائفي أو العرقي بأي شكل من الأشكال.
  • دور الطائفة الشيعية في الدفاع عن وحدة البلاد ونسيجها الاجتماعي.

وقال الشرع في حديثه للوفد:

“سوريا كانت وستبقى دولة لكل أبنائها، ومبدأ المواطنة هو أساس بناء الدولة الحديثة التي نحلم بها بعد سنوات من الحرب والانقسام. نُقدّر لكل الطوائف تضحياتها وصمودها، ونؤمن أن بناء سوريا يبدأ من بوابة التعددية والقبول المتبادل.”

خلفية أمنية: محاولة لإثارة الفتنة واعتداء وشيك على مقام السيدة زينب

اللقاء جاء بعد أسابيع قليلة من إحباط الأجهزة الأمنية السورية لمحاولة تفجير مقام السيدة زينب، أحد أهم المزارات الإسلامية في محيط العاصمة دمشق.

وكان جهاز الاستخبارات العامة قد أعلن في 11 يناير الماضي عن إحباط مخطط لتنظيم “داعش” استهدف تنفيذ هجمات انتحارية داخل المقام.

وأظهر فيديو نُشر لاحقًا على وسائل الإعلام الرسمية أحد الموقوفين، وهو يعترف بتورّط الخلية في التخطيط لعدة هجمات ضد مزارات دينية ومواقع مسيحية في البلاد، من بينها محاولة تفجير كنيسة في بلدة معلولا عشية رأس السنة.

هذا التهديد الأمني شكّل جرس إنذار للقيادة السورية بضرورة احتواء التوتر الطائفي الذي تسعى التنظيمات المتطرفة إلى تغذيته.

ويبدو أن لقاء الرئيس الشرع مع الطائفة الشيعية أتى في هذا السياق، لتعزيز الحماية المجتمعية للمزارات الدينية، وتجديد التأكيد على رفض الفتنة والاقتتال الطائفي.

مقام السيدة زينب.. رمز ديني وسياحي في قلب التوتر

يقع مقام السيدة زينب، حفيدة النبي محمد ﷺ، في منطقة تحمل نفس الاسم جنوب شرق دمشق، ويُعد من أهم المزارات الدينية لدى المسلمين الشيعة، كما يزوره مسلمون من طوائف أخرى.

وتحول المقام خلال السنوات الماضية إلى رمز للتحدي والاستهداف من قبل الجماعات التكفيرية التي تسعى إلى جر البلاد إلى حرب طائفية شاملة، ويُقدّر عدد الزوار السنويين للمقام بأكثر من مليون زائر من داخل سوريا وخارجها، خصوصًا من إيران، العراق، باكستان، ولبنان.

الرسائل السياسية من لقاء الرئيس الشرع

اللقاء بين الرئيس أحمد الشرع ووجهاء الطائفة الشيعية يحمل عدة رسائل سياسية ومجتمعية مهمة:

  • التأكيد على الوحدة الوطنية: في ظل محاولات الجماعات المتطرفة استغلال الطائفية لتمزيق البلاد.
  • طمأنة الطائفة الشيعية بأن وجودهم وحقوقهم مصونة.
  • إظهار صورة المرحلة الانتقالية السورية كمرحلة انفتاح وتجاوز للماضي.
  • التمهيد لحوار وطني شامل يجمع كافة الأطياف والطوائف دون إقصاء.
  • إعادة الثقة بالأمن المجتمعي عبر تفعيل اللقاءات المباشرة مع المكونات الدينية.

ما بعد اللقاء.. هل يُمهّد للتسوية الوطنية؟

يرى محللون أن مثل هذه اللقاءات تمثل مفاتيح حقيقية للتسوية المجتمعية في سوريا، حيث إن المشاركة المباشرة للطوائف في الحياة السياسية والاجتماعية تعتبر ضرورة لإنجاح أي مشروع وطني قادم.

كما أن خطاب الرئيس الشرع الذي أكد فيه على حقوق المواطنة الكاملة لجميع السوريين، ينسجم مع الطموحات الأممية المتعلقة ببناء سوريا ما بعد النزاع، ويبعث برسالة طمأنة للشعب السوري المنهك.

يمثل لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع وجهاء وأعيان الطائفة الشيعية خطوة جديدة نحو إعادة اللحمة الوطنية، ورفض الانقسام الطائفي الذي كاد أن يُغرق سوريا في مزيد من الدماء. إنها رسالة تؤكد أن سوريا الجديدة تُبنى بالحوار، لا بالتخوين، وبالمشاركة، لا بالإقصاء.

وإذ تتواصل اللقاءات مع مختلف الطوائف والجهات في البلاد، يبقى الأمل في أن تُترجم هذه اللقاءات إلى خريطة طريق وطنية تؤسس لمرحلة جديدة قوامها: السلام، العدالة، والعيش المشترك.

سارة المصري

كاتبة تمتاز بالمرونة والابتكار في تقديم الأخبار والمقالات، مع اهتمام خاص بتقديم المعلومة بشكل حيادي ومثير للاهتمام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى