حقيقة منع النفط العراقي الدخول إلى الأردن بسبب هتافات مباراة كرة القدم …ما الذي حدث بين عمّان وبغداد؟

شهدت الأيام الماضية تصعيدًا غير متوقع في الأجواء السياسية بين الأردن والعراق، ليس بسبب خلاف اقتصادي أو دبلوماسي تقليدي، بل على خلفية مباراة كرة قدم جمعت منتخب العراق وفلسطين في العاصمة الأردنية عمّان ضمن تصفيات كأس العالم 2026.

فما حقيقة منع النفط العراقي من التصدير إلى الأردن؟ وهل توترت العلاقات فعليًا بين البلدين بسبب هتافات جماهيرية؟، وما حدث في مباراة العراق وفلسطين التي فجرت أزمة بين عمّان وبغداد من هتافات مفبركة وتهديد بقطع النفط، وتهديد نشطاء الاردن بقطع الكهرباء عن العراق وأن النفط مقابل الأخوة.

مع تداول مقاطع فيديو تُظهر هتافات اعتبرت مسيئة للشعب العراقي، انطلقت موجة من ردود الفعل الغاضبة في العراق، وصلت حد المطالبة الشعبية والرسمية بوقف تصدير النفط إلى الأردن، ما جعل السؤال يتكرر: هل قرر العراق فعلًا إيقاف تزويد الأردن بالنفط بسبب مباراة كرة قدم؟.

بداية أزمة النفط العراقي .. فيديوهات مفبركة وهتافات مشبوهة

عقب المباراة التي جمعت منتخبي العراق وفلسطين يوم 25 مارس 2025 في ستاد عمّان الدولي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر جماهير تهتف بعبارات مسيئة يُقال إنها موجهة للعراقيين.

الفيديو أثار موجة غضب واسعة في الشارع العراقي، وبدأ البعض بمهاجمة الأردن شعبًا وحكومةً، مطالبين باتخاذ خطوات عقابية.

لكن الاتحاد الأردني لكرة القدم سارع لإصدار بيان رسمي يؤكد فيه أن الفيديو “مفبرك” ولا يمت للحقيقة بصلة، مضيفًا أن الجهات التي تقف خلف نشره تسعى إلى “إثارة النعرات والتعصب بين الجماهير الرياضية“، في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات تتطلب التكاتف لا التفرقة.

منشور مزيف عن منع النفط العراقي إلى الأردن
منشور مزيف عن منع النفط العراقي إلى الأردن

الموقف الأردني الرسمي.. تهدئة وتحقيق

ردًا على تصاعد الأزمة، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن الفيديو الذي أثار الجدل “مُزيّف”، موضحًا أن الحكومة الأردنية لا يمكن أن تقبل بأي إساءة للعراق وشعبه، وتمت اتصالات مباشرة مع الجانب العراقي لاحتواء الأزمة ووقف التصعيد.

كما أشار الصفدي إلى العلاقات التاريخية المتينة بين الشعبين، مؤكدًا أن الأردن لن يسمح لمثل هذه الأفعال الفردية أو المفبركة بأن تُخدش بها روابط الأخوة والمصير المشترك.

هل تم فعلاً وقف تصدير النفط العراقي إلى الأردن؟

في أعقاب الغضب الشعبي العراقي، تم قطع الطريق مؤقتًا من قبل بعض المواطنين العراقيين أمام صهاريج النفط المتوجهة نحو الأردن، وتحديدًا عبر منفذ طريبيل الحدودي.

ورغم عدم صدور بيان رسمي من وزارة النفط العراقية بشأن الإيقاف الكامل لتصدير النفط، فقد توقفت الشحنات مؤقتًا نتيجة للوضع الأمني على الطرق، ومخاوف من تفاقم الاحتجاجات.

إلا أن تقارير محلية عراقية أكدت أن التصدير لم يتوقف رسميًا بقرار حكومي، بل أن هناك دعوات نيابية وشعبية للضغط على الحكومة لقطع التصدير.

معلومات مغلوطة على مواقع التواصل

زاد الطين بلّة تداول مقاطع فيديو أخرى يُزعم أنها تُظهر احتجاجات في محافظة الأنبار لرفض مرور شاحنات النفط الأردنية، لكن تبين لاحقًا أن هذه المقاطع تعود لمظاهرات في منطقة كوكجلي قرب الموصل، وكانت احتجاجًا على فرض حجر صحي بسبب مرض الحمى القلاعية، ولا علاقة لها بالنفط أو الأردن.

هذا التضليل المقصود أو غير المقصود ساهم في تأجيج المشاعر الشعبية وتوسيع رقعة الغضب دون سند حقيقي على الأرض.

النفط العراقي إلى الأردن.. ما الأرقام؟

  • الأردن يستورد 15 ألف برميل يوميًا من النفط العراقي الخام.
  • الاتفاق يمنح الأردن خصمًا قدره 16 دولارًا عن السعر العالمي، مقابل فرق الجودة وتكاليف النقل.
  • الكمية تمثل ما يقارب 87 مليون دولار سنويًا يحصل عليها الأردن كدعم مباشر من العراق.

خلفيات العلاقات الأردنية-العراقية

من المهم التذكير بأن الأردن كان دائمًا من أقرب الدول إلى العراق في مختلف المحطات التاريخية:

  • خلال فترة العقوبات الدولية على العراق، كان الأردن يرسل المساعدات الغذائية والطبية للشعب العراقي.
  • ميناء العقبة كان البوابة الوحيدة لواردات العراق خلال الحرب الإيرانية-العراقية.
  • الأردن رفض الانضمام إلى التحالف الدولي لضرب العراق في التسعينات.
  • الأمير علي بن الحسين بذل جهودًا كبيرة لرفع الحظر عن الملاعب العراقية، وساهم في إعادة الحياة الرياضية في العراق.

رسائل من الشارع الأردني

ردًا على حملات الهجوم، أطلق نشطاء أردنيون وسم #الأردن_يحب_العراق مؤكدين أن ما حدث لا يعبر عن الشعب الأردني ولا يمثل أخلاقه، ولفت البعض إلى أن العلاقات بين البلدين أكبر من أن تُخدش بهتافات مفبركة أو مشاعر غاضبة مؤقتة.

ما حدث بعد مباراة كرة القدم بين العراق وفلسطين لم يكن مجرد خلاف رياضي، بل كاد أن يتحول إلى أزمة دبلوماسية واقتصادية خطيرة لولا وعي القيادتين السياسية والرياضية في البلدين.

لا يزال النفط العراقي يتدفق إلى الأردن، وإن كان بوتيرة أقل مؤقتًا، لكن الحقيقة التي يجب التأكيد عليها هي أن الفيديو مفبرك، والعلاقات الأردنية-العراقية متجذرة وتاريخية، ولن تهتز أمام سحابة عابرة حدثت خلال لعبة العراق وفلسطين.

أحمد سيف

كاتب موهوب يمتلك أسلوبًا متميزًا في الكتابة، يتناول مختلف المجالات بدقة ووضوح،مُبدع يُتقن صياغة الكلمات بأسلوبٍ شائقٍ وجذابٍ ليُبحر بك في رحلةٍ معرفيةٍ غنيةٍ تتنوع فيها الموضوعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى