من هو خالد سليمان الجارالله بوحازم ويكيبيديا؟ السيرة الذاتية الكاملة لرجل الدبلوماسية الحكيم
في أوقاتٍ تشهد تغيرات متسارعة في الساحة الدبلوماسية، قلّما نجد شخصية تتمسك بثوابت الأخلاق، وتحمل على عاتقها همّ الوطن برؤية بعيدة المدى كالسفير الراحل خالد سليمان الجارالله، المعروف بلقب “بوحازم”. الرجل الذي لم يكن مجرد موظف رسمي، بل رمزًا وطنيًا استطاع خلال عقودٍ من العمل الدبلوماسي أن يكون حجر أساس في السياسة الخارجية الكويتية. من هنا تبدأ قصته، ومن هنا لا تنتهي.
من هو خالد سليمان الجارالله بوحازم؟
وُلد خالد سليمان جارالله الجارالله في الكويت منتصف أربعينيات القرن الماضي، ونشأ في كنف عائلة كويتية معروفة بقيمها وانتمائها الوطني. تخرج من جامعة الكويت عام 1971 حاصلاً على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية، ليبدأ رحلته الطويلة في وزارة الخارجية الكويتية بذات العام.
على مدار أكثر من أربعة عقود، تنقل بين العديد من المناصب، وشارك في صياغة وتفعيل السياسة الخارجية لبلاده، حتى بلغ أعلى المراتب الدبلوماسية بتعيينه وكيلاً لوزارة الخارجية في عام 1999، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى تقاعده في يناير 2021.
محطات دبلوماسية فارقة في حياته
● البداية القوية:
مع دخوله السلك الدبلوماسي، عُرف خالد الجارالله بسرعة البديهة، وحسن التصرف، وقدرته على التعامل مع الملفات الحساسة. مهاراته جعلته محل ثقة رؤسائه، ليتم تكليفه بمهام خارجية عديدة.
● سفيرًا للكويت في لبنان:
عمل في سفارة الكويت ببيروت في وقتٍ كانت فيه الساحة اللبنانية تمر بتوترات سياسية. أظهر خلالها حنكة سياسية نادرة، وتمكن من الحفاظ على علاقات متوازنة تعكس الموقف الكويتي.
● وكيل وزارة الخارجية:
تقلّد هذا المنصب في أواخر التسعينات، فكان الواجهة الدبلوماسية الرسمية الثانية بعد الوزير، ورجل المهمات الصعبة. شارك في ملفات المصالحة الخليجية، وأزمات المنطقة، والمفاوضات الدولية، وقدم أداءً متزنًا جعل منه مرجعًا سياسيًا حتى بعد تقاعده.
شخصية متفردة في الحضور والأسلوب
لم يكن خالد الجارالله مسؤولاً بروتوكوليًا تقليديًا. بل كان رجلاً حاضر الذهن، بسيط اللسان، متواضعًا في تعامله، عميقًا في أفكاره. من عرفه عن قرب تحدث عن ابتسامته الهادئة، وقدرته على الاستماع بصدق، وحل النزاعات بأسلوب لا يخلو من الدبلوماسية الرفيعة.
وفاة خالد الجارالله.. نهاية فصل وبداية تخليد
في 23 مارس 2025، فُجع الوسط الكويتي والخليجي برحيل السفير خالد سليمان الجارالله عن عمر يناهز 78 عامًا. ورغم عدم إعلان سبب الوفاة رسميًا، فإن المؤشرات تشير إلى وفاته بعد صراعٍ مع مرض لم يتم الإفصاح عنه. خبر وفاته جاء كالصاعقة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عجّت منصة X (تويتر سابقًا) بعبارات النعي والدعاء له، مما يعكس قيمته لدى الناس.
تغريدات حزينة… ردود فعل على منصة X
من بين أبرز التغريدات التي تم تداولها:
“رحل السفير الطيب، رجل الخلق والتواضع. رحمك الله يا بوحازم وجعل مثواك الجنة.”
“بوحازم… سفير الإنسانية قبل أن يكون سفير السياسة. لن ننساك.”
“غادرنا في أيام مباركة، خالد الجارالله… مدرسة دبلوماسية تمشي على الأرض.”
“رحيلك ترك فراغاً كبيراً… لن يعوّضك أحد، كنت القدوة.”
تفاصيل الجنازة وموعد الدفن
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تُعلن العائلة رسميًا عن تفاصيل الجنازة أو موعد الدفن. لكن يُتوقع أن يُصلى عليه في أحد مساجد العاصمة الكويت، بمشاركة شخصيات رسمية وشعبية، نظرًا لما يحظى به من احترام واسع النطاق.
خالد الجارالله في عيون زملائه
السفير السابق ناصر المطيري: “تعلمت من خالد الجارالله أن الصمت أحيانًا أقوى من الكلمات.”
الكاتبة فاطمة حسين: “ما أعظم خسارتنا برحيلك. كنت من القلائل الذين يجمعون الحكمة والإنسانية.”
الشيخ أحمد النواف: “لقد خسرت الكويت أحد أنبل أبنائها.”
ماذا بعد رحيله؟ إرث خالد الجارالله الدبلوماسي
رحيل الجارالله لا يعني نهاية تأثيره. فمدرسة خالد الجارالله في الدبلوماسية ما زالت تُدرّس بين أروقة الوزارة، ويُستلهم منها في إعداد جيل جديد من الدبلوماسيين الكويتيين الذين يحملون مشعل الاعتدال والحوار والانفتاح.
لقد شارك في ملفات إقليمية خطيرة، وكان أحد مؤسسي رؤية الكويت الدبلوماسية الحديثة، كما ساهم في تبريد العديد من الملفات الساخنة.
سيرة خالد الجارالله في أرقام
- عدد سنوات الخدمة: 48 عامًا.
- تاريخ أول تعيين: 1971.
- سنوات وكيل وزارة الخارجية: 22 عامًا تقريبًا.
- عدد المشاركات الخارجية: أكثر من 120 مؤتمرًا ووفدًا دوليًا.
- عدد الدول التي مثل فيها الكويت: أكثر من 10 دول.
ختام: خالد الجارالله.. الدبلوماسي الذي لم يقل “لا”
في زمن يعلو فيه الضجيج على الفعل، ويختفي التواضع أمام الكاميرات، برز خالد الجارالله رجلًا يعمل في صمت، ويُنجز بصبر، ويزرع أثرًا لا يُمحى. لم يكن يبحث عن الأضواء، بل كان النور في دهاليز السياسة.
قد لا نعلم سبب وفاته اليوم، لكننا نعلم يقينًا سبب خلوده في قلوب الكويتيين: كان بوحازم إنسانًا قبل أن يكون مسؤولاً.